الهروب من الرقابة

هنالك العديد من الطرق لاستلام الكرات، أو طلب الكرات على أقل تقدير، إذا ما علمنا أنه حتى عند خلق المساحات والهروب من الرقابة لن يضمن سائل الكرة أن تصل إليه من حاملها، لأسباب منها –مثلاً- غفلة اللاعب وانحسار رؤيته على جزء من أجزاء الملعب، أو لأسباب فنية تتعلق بالتحكم بالكرة ما سيكلف حامل الكرة التوقيت وبالتالي خسارة فرصة سانحة لجني أفضلية تكتيكية.

مهما يكن من أمر فالهروب من الرقابة -وهو أحد المبادئ التكتيكية الهجومية الفردية- والتي قد تمرّ بها في أدبيات التدريب الإيطالي smarcamento أو في إسبانيا باسم desmarque. وبالرغم من أن بعض حالات التحرر من الرقابة لدى الإسبان قد لا تصح تسمية بعضها بالهروب من الرقابة، حتى ولو شابها شيء من ذلك؛ كالهجوم على المساحات خلف خط الدفاع أو الوسط مثلاً على اعتبار أن اللاعب بلا رقابة أصلاً، أو حتى إحدى الطرق للهروب من الرقابة الخاصة ببيلسا والتي تتضمن استلام اللاعب للكرة وخصمهُ في ظهره إذ سيضطر اللاعب المستلم للكرة الدوران ومراوغة الخصم؛ وبالتالي يجب علينا التمعن بمقصد بييلسا أو ما يقصده الأرجنتينيون والإسبان بمعنى الهروب من الرقابة، فهُم يعنون بذلك حتى حامل الكرة ونحن في هذا الموضوع نشير إلى اللاعب “بلا كرة” وبما أننا لا نمتلك لغة مؤسسة فنياً/تكتيكياً فالأجدى أن نكون محددين لأقصى درجة لتحرير المصطلحات وتعريفها.

لا يختار المهاجم -أو طالب الكرة عموماً- الحركة التي بها سيتخلص من مراقِبِه، إذ تحدث هذه الحالات في المباراة عرَضياً دون أن يختار اللاعب أي كيفية يطلب/يستلم بها الكرة. ولكن كل حالة ووضعية لها مثيرات ومحفزات أو إشارات –بغير قصد- لكل قرار ينبغي على اللاعب القيام به. فمثلاً، دائماً ما نرى أن المهاجم يقوم بإيماءات جسدية لسحب المدافع ومن ثم يقوم بحركة عكس اتجاه حركته الأولى أو ما تسمى بالحركة المضادة counter-movement، والمهاجم الفطن والنبيه هو من يميز تلك الإشارات أو المحفزات التي تستدعي كل حركة وفقاً لحامل الكرة ووضعيته، حيث أن حركته أو قراره مقترن بوضعية حامل الكرة فإذا كان على نفس الخط الطولي فالحركة تختلف عن حركته عندما يقوم الجناح بالقص عرضياً نحو الداخل، كما تمثل حركة المهاجم بالنسبة لحامل الكرة تواصلاً غير لفظي لطلب الكرة (التواصل في كرة القدم نوعان: أولهما لفظي؛ أي طلب الكرة بالصوت، وغير لفظي وهو طلب الكرة إما بمجرد الحركة، أو بالإشارة باليد).

فيما يلي عدة طرق للهروب من الرقابة ذات فعالية كبيرة وخصوصاً أمام الفرق التي تطبق دفاع رجل لرجل، أو حتى عند تحليلنا لخصومنا قد نجد مدافعاً يتأثر بالمهاجم، ويسهل اجتذابه من قبل المهاجم، إذ أن تصرفات بعض المدافعين استباقية حيث يضيق على المهاجم فقط وهذا عائد نوعاً ما للحذر أكثر من كونه قراءة للعب، بل دافع المدافع هو الخوف… أحياناً.

في اللقطة الأخيرة يتموقع المهاجم على نفس الخط الطولي مع حامل الكرة، حامل الكرة بوضعية سانحة للقيام بالتمريرة الأخيرة، إذاً عليّ -كمهاجم- بعد هذه القراءة أن أتخذ قراران لا ثالث لهما: إما أن أتوجه نحو الكرة واستلم بين الخطوط، وبما أن الرقابة لصيقة سيضطر المهاجم مقاومة الضغط وحماية الكرة عند استلامها، أو القيام بتمرير خلفية أو عرضية قد يبدو حلاً أفضل حال النزول. الحل الثاني هو مهاجمة المساحة خلف دفاع الخصم ووهذا ما قام به كافاني، حيث نراه يقوم بخداع مراقبه بحركة مضادة وقيل بحركة مزدوجة double movement، بحركة نحو الكرة ومن ثم حركة مفاجئة نحو المرمى فيتخلص من الرقابة.

حركة مزدوجة مشابهة للقطة السابقة ولكن عكس الإتجاه. مالإختلاف؟ قرب المدافع وتموقعه هو ما يحدد الحركة، فإذا كان ملاصقاً كما اللقطة الأولى لكافاني فالحل هو سحبه للأمام حيث سيخسر المدافع الوقت لأن وضعية جسده لن تمكّنه من الدوران ’180 و اللحاق بالمهاجم. وفي هذه اللقطة نرى أن المهاجم يوهم المدافع بالتحرك نحو المرمى، غير أنه بعد ذلك سيعود ليستلم الكرة فيما بين الخطوط، حركة المهاجم الأولى أبعدت المدافع وعامل الوقت مكّن المهاجم من التحرر.

حامل الكرة يجري عرضياً، تلك إشارة للمهاجم في الحركة عكس حركة حامل الكرة… غالباً. مجدداً حركة مضادة ولكن وكأنه سيقوم بالدوران يمين مراقبه، في هذه الحالة استعد المدافع عبر توجيهه لجسده لليمين، استغل كافاني التوجيه للمدافع وركض عكسه، وبالضبط قبيل انطلاقه، وجه كافاني جسده نحو حامل الكرة ثم بحركة مفاجئة يسار المدافع.

المهاجم كطرف ثالث، “الرجل الثالث”: يهبط المهاجم نحو حامل الكرة ويسحب معه المدافع، ولكن ليس بغرض استلامها بين الخطوط وإنما -وفقاً لتسلسل اللعب وأحياناً كنمط من التمرين- يتوقع اللاعب أن يمرر حامل الكرة للمهاجم الثاني وهو بدوره سيهاجم المساحة خلف المدافع متوقعاً تمريرة من المهاجم الثاني.

يتمركز المهاجم بزاوية قطرية عن حامل الكرة، في هذه الحالة يحاول المهاجم الابتعاد عن مراقبه سواءً عن يساره أو كما في هذه الحالة عن يمينه، تختلف هذه الحالة عن الحالات السابقة كون المهاجم هنا يتخذ زاوية قطرية وفي تمكنه من كسب وقت للدوران نتج عن إيهامه للمدافع بمهاجمة المساحة خلفه.

حركة مزدوجة من إيكاردي لمقابلة العرضية، نرى بوضوح إيهامه للمدافع بأنه سيهجم على القائم الأول، غير أنه وبشكل مفاجئ سيهجم على القائم الثاني، فيتحرر بدهاء.
كافاني يعرف أين المساحة، إلا أنه بحاجة لأن يراقبه القلب الأيمن، وبمسار ركضه العرضي ترك مراقبه الأول “الظهير” وارتمى بحضن القلب ما أوقع القلب بالمصيدة، حيث خطى المدافع خطوة نحو كافاني بالضبط على القوس، هنا يهجم كفاني على المساحة المستهدفة بتغييره للمسار والنسق خلف القلب الأيسر.
استغلال الجانب المحجوب للمراقب، قام كاييخون هنا بحركة واحدة ولكنها كانت حركةً مفاجئة، قد تبدو العرضية دقيقة كفاية إلا أن توقيت الحركة مفصلي للوصول قبل المدافع.
إيهام المدافع بالهجوم خلف الدفاع ومن ثم التوقف المفاجئ سيمكن المهاجم من التحرر (لاحظ الدقيقة 28:22.)
مشابهة للقطة الأولى من حيث التوغل ومن ثم تغيير نسق الجري وتهبيطه وبعدها يبتعد المهاجم عن المدافع عبر تقويسه حركته.
https://platform.twitter.com/widgets.js

نرى في اللقطة الأخيرة إحدى الطرق التخلص من الرقابة، “تبادل المراكز”،عند تبادل المراكز تتخلق حالة من الضياع والربكة لدى المراقبين، فيفقد أحد المدافعين أو كلاهما لاعبه.

يمكن لأي لاعب القيام بهذه الحركات والايماءات في أي مكان ومركز.
https://platform.twitter.com/widgets.js

كان هذا أحد أشكال خلق المساحات أمام نظام دفاعي أو سلوك فردي معين (المراقبة)، وسنتعرض لاحقاً لأشكال أخرى بمشيئة الله.

الكاتب:  @salh91ftbl

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

%d مدونون معجبون بهذه: