تحدثنا فيما سبق عن التدرج، وهو مبدأٌ أساسي للفرق التي تنشُد ضغطاً جماعياً متناسقاً، إذ تحدثنا عن أهم الآليات في الضغط والتغطية، وعن قطع مسارات وزوايا التمرير بالتموضع الجسدي. سنخص هذا المقال بالحديث عن الضغط -وليس التغطية- وأهم آلياته ألا وهي مثيرات الضغط، والتي بدورها تحدد لحظة الخروج للضغط، أما مثيرات triggers فتعني استثارة المدافع للخروج للضغط ومحاولة استخلاص الكرة؛ كأن تفلت الكرة عن سيطرة الخصم، وهذا ما سنجيء إليه لاحقاً في هذا المقال.
إن قرار الضغط يتوقف على استعداد الفريق ككل، فقرار الضغط يعتمد عطفاً على ذلك على ما/من خلفي وعلى زملائي، إذ أن شرط الإحساس المكاني -لكل لاعب- بالغ الأهمية وخصوصاً في حالات الضغط الجماعي، عدا ذلك فالإكتفاء بالتغطية في لحظات معينة، أو استعادة التشكل “كفريق” في حالات أخرى حلولاً أحسن، أو ربما من الناحية الاستراتيجية (كمباراة تشيلسي×م.سيتي الموسم المنصرم، عندما قرر سارّي إخفاض كتلته الدفاعية للوسط وتفضيله التغطية على الضغط “المستمر” ولذلك أسبابٌ تتعلق بخصائص لاعبي خط المقدمة دفاعياً).
إذاً فمن يقود الفريق في الضغط هو من يبدأ بالضغط؛ أي اللاعب الأقرب للكرة (خصوصاً في المناطق العالية) فإن لم تثمر عملية الضغط ولم نستطع استعادة الكرة فعلى الأقل لن يكون الفريق مكشوفاً. والخروج للضغط في الوقت الخطأ أو المكان الخطأ أو في عدم ضبط التموضع الجسدي قد يكلف الفريق مساحةً أو نقصاً عددياً، ناهيك عن استنزافه للطاقة فقد يقتضي ذلك تعويضاً وبالتالي سيؤدي لاستنزاف بدني، فضلاً عن الخسائر التكتيكية المذكورة.
أشهر مثيرات الضغط هي كالتالي:
- عندما يكون ظهر حامل أو مستقبِل الكرة إلى مرمى الفريق المدافع.
- عندما تكون الكرة على طرف الملعب، أينما يكون حامل الكرة على الطرف فتتقلص زوايا لعبِه تبعاً لذلك.
- عندما تكون الكرة غير مستقرة أو تتنطط، أو كرة عالية، إذ يضطر مستقبِل الكرة محاولة السيطرة عليها.
- عندما تكون الكرة بطريقها إلى لاعب آخر، وخصوصاً عندما لا تكون التمريرة موزونة وأميل إلى البطء أو في الكرات العالية كذلك.
- سوء استلام للكرة، (سوء لمسة أولى) أي عندما يواجه حامل الكرة مشكلة في التحكم بالكرة أو حتى عند خسارته السيطرة على الكرة، كاستطالة الكرة لدى دحرجته لها؛ أي انفلاتها حتى لسنتيمترات.
- لاعب متواضع من الخصم، في قراراته وتصرفاته فيتم استهدافه.
بالطبع لن نلهث خلف كل تمريرة وكرة، ذلك سيستنزف طاقة وجهد، اللقطة السابقة إحدى مثيرات الضغط (الكرة بطريقها للاعب)، ولكي نحدد أكثر سرعة الكرة تستدعي رفع النسق وارتفاع احتمالية استعادة الكرة أو وضع مستقبِل الكرة في مأزق. وبلا شك ادراك واحساس اللاعب المكاني سيبعث على اليقين للمدافع/للضاغط أنما “هذه هي اللحظة المناسبة للضغط” ليس فقط في هذه الحالة وإنما أي حالة وفي أي مكان، وعندما نريد قراءة اللعب فهنالك محددات أخرى مهمة كأن لا يملك مستقبل أو حامل الكرة حلولاً إمّا لسوء تموقع وانتشار زملائه أو حتى لقوة ومتانة هيكل وكتلة الفريق المدافع كما نرى بورتو في اللقطة الأخيرة.
نرى كذلك في بداية اللقطةضغطاً من مهاجم ليفركوزن على حامل الكرة، لاحظوا توجيهه الجسدي وتقويسه حركته إذ قصد بذلك منع وصول الكرة لبوسيكتس، أشير إلى ذلك لأن فرق شميدت تضغط باستمرار لكنها تبقي جودة في الهيكل والتغطية حتى وإن لم تفلح هذه الحالة.
مالفرق بين مصايد الضغط ومثيرات الضغط؟
ثمة فارق استراتيجي بين المصايد والمثيرات، فالمثيرات هي إشارة للفرد لبدء الضغط سواءً ضمن سياق المجموعة أو لوحده ارتجالـاً؛ أي كتصرف فردي للقيام بالضغط وربما بشكل عفوي. أما المصيدة فهي “غالباً” مقصودة ومصممة كمنطقة افتكاك للكرة والارتداد نحو مرمى الخصم كتصرف جماعي، وبالطبع ستكون وفقاً لخصائص الفريق الخصم أو لأسباب اعتيادية مثل ترك الأطراف مكشوفة ودفع الخصم للعب هناكـ أين تتقلص زوايا التمرير على حامل الكرة –كما أسلفنا- فيحاوط الفريق المدافع على حامل الكرة مغلقين عليه المنافذ ما يسهل عملية استعادة الكرة، أو حتى استدراج الخصم في اللعب بعمق الملعب ككمين. إن المصايد تقترن بالضرورة بالمثيرات والمستحثات كأن يكون ظهر مستلم لمرمى الفريق المدافع فتكون إشارة لبدء الضغط جماعياً، حتى مصايد الضغط قد تحدث تلقائياً بحالات نميزها عفوياً فيكون السلوك بالتزامن جماعياً.
اترك تعليقًا