في المقالين السابقين تطرقنا لحالة –أو بعضاً من حالات- 1 ضد 1 وأي وضعية جسدية أنسب وأين هو التموقع الملائم فيما يخص المدافع وفقاً لمكان الكرة طعماً في استخلاص الكرة أو على أقل تقدير إبعاد المهاجم ونفيه لمناطق أقل خطراً أو إضعاف وضعيته. فيما يتعلق بالمهاجم تحدثنا بنوعٍ من التحليل عن الكيفية التي يقصي بها المهاجم خصمه بشروط معينة كالقدرات أولاً، ووضعية الجسد المثلى في أي حالة، فالتمويه والخداع. ما سنتطرق له اليوم هي حالة 2 ضد 1 هجومياً ودفاعياً، وكذلك 2 ضد 2.
محور إسبانيول قد يستطيع قطع خط التمرير نحو تشافي إن توقع مسار حركته، لكن مع احتجاب الرؤية وسوء التقدير مرت الكرة.
إن لكل حالة مقتضياتها، فالزيادة العددية تستلزم قراءة معينة، مع وضع اعتبارٍ لظرفي المكان والزمان، ووضع سيناريوهات مختلفة في الحسبان فبهذا نستطيع أن نفهم ونستوعب اللعبة بالتدريج عبر التحليل وطرح أفضل السبل والحلول لكل إشكالية ومعضلة. لقد ذكرنا في مقالنا السابق أن الحالة 1 ضد 1 موقف مستحب لدى الفريق المُهاجم، وليس العكس صحيحاً، إذ هي ليست بالمحببة لدى الفريق المدافع خصوصاً في مناطق متأخرة. أمّا حالة 2 ضد 1 للفريق المهاجم فهي مطمعٌ ومنية، هب مثلاً أن الجناح بمواجهة ظهير الخصم 1 أمام 1، فيقوم الظهير بمساندة الجناح بالركض خلفه على الخط، أي بعمل تقاطع أو تداخل overlap، في هذه الحالة التي يتفوق بها الفريق المهاجم عددياً سيتأزم أمر ظهير الخصم وسيحتار في قراره، فإن قرر مداهمة الجناح سيتيح للظهير المهاجم مساحة أوسع وتوغلاً مباشراً نحو المرمى لو تمكن الجناح من تمرير الكرة إليه، ولكن ماذا لو قرر الظهير المدافع الوقوف بزاوية فاصلة بينه وبين الجناح والظهير والمرمى؟ هذا يبدو الخيار الأفضل، ذلك لأنه سيأخر حامل الكرة ما قد يسمح لزملائه العودة ويتساوى أو حتى يتفوق الفريق المدافع عددياً. وحتماً مع بقاء خطر أن يهجم الجناح على الظهير المدافع طامعاً تخطيه، وهذا قرار أفضل للجناح المهاجم بحيث لا يعطي المدافع وقتاً في التفكير أو وقتاً لعودة زملائه، بغض النظر عن قرار الجناح سواءً بالمراوغة أو بتمرير الكرة لزميله الظهير بالضبط عندما يكون على الخط مع ظهير الخصم وهنا سيسابق المدافع الزمن قبل أن يطلق الظهير المهاجم عرضيته. هذه الحالة مألوفةٌ ودائمة الحدوث، بيد أنه يمكننا بناء سيناريوهات مماثلة للمثال المطروح في أي مكان وبقعة واضعين بالاعتبار مكان الكرة وحاملها والمرمى واللاعب المساند الزائد.

مضافاً إليهما مسار جري ملتوي يمكنه من مواجهة الظهير المهاجم لا التسابق معه! شكل1
تتعقد المسألة بازدياد عدد اللاعبين إذ تزداد النقاط المرجعية طردياً تبعاً لذلك -الكرة والمرمى فالزميل ثم الخصم- كما تتعدد حلول حامل الكرة بدعم أحد زملائه إمّا باستخدام الزميل كطعم للتلاعب بالمدافع المغلوب على أمره، أو هات وخذ خلف هذا الخصم، أو ببساطة تمرير كرة كاسرة تعبر الخصم وتقصيه كما في “شكل1″…الخ. وكما قد تنشأ حالة من الربكة على المدافعيْن في 1 ضد 2 فالمهاجمان أيضاً قد لا يستغلا تفوقهما العددي لأسباب مركزية كأن يقفا/يجريا على نفس الخط العرضي دون تهديد لهذا المدافع، أو أن يتباطئ حامل الكرة عوضاً عن مهاجمة المساحة أو مباغتة المدافع مجبراً إياه اتخاذ قرارٍ بتعجل، إذ أن الوقت من مصلحة المدافع، فبذلك قد يعود زملائه دوناً عن ذكر القرارات الغير مجدية أو أي طوارئ أخرى.
يختلف قرار المدافع باختلاف موقع الكرة، في هذه الحالة الحرجة اختلف تقدير فان دايك عن تياغو سيلفا، إذ مال الهولندي أكثر نحو اللاعب الثاني، ربما لو اختار سيسوكو مهاجمة المرمى لتأزم وضع فان دايك، أميل أكثر إلى أن سيسوكو ضيع هدفاً محققاً أكثر من كون فيرجيل أنقذ الموقف، الفضل الأكبر سيُعزى للهولندي لو أن سيسوكو فعلاً كان يريد التمرير والتخلص من الكرة أو كما أشار صاحب الفيديو “أن فان دايك قرأ سيسوكو ورغبته في تمرير الكرة”. في حين قد يكون تصرف سيلفا أكثر جودة، فهو أقرب لحامل الكرة، رغم زعم صاحب التحليل الأخير أن الحالتين مختلفتين كون كريستيانو جاء متأخراً فبذلك يعلل اتخاذ سيلفا زاوية أقرب لبن زيما، أزعم أن السلوك في كلتا الحالتين ينبغي أن يكون بنفس الكيفية، فماذا لو قرر سيسوكو التوجه بسرعة نحو المرمى؟
كما أخّر بسلوكه الجسدي النشط اليقظ قرار الحارس ما سمح لزميله المهاجم العودة وتضييق المساحة بين الحارس والقلب.
علِمنا في الحالة المفترضة “شكل1” أنه ينبغي على المدافع المعزول والمغلوب عددياً أن يتأنى في قراره وأن يتنازل عن محاولة افتكاك الكرة من الجناح -طالما كان الجناح مأمِّناً على كرته- راغباً البقاء في اللعبة قدر المستطاع ووضع الظهير المتقدم في الحسبان. الأمر سيان في الحالة الأخيرة، تريث واقتراب نحو المرمى فتربص بقرار حامل الكرة ومن ثم اتخاذ اللازم، ذلك عند النقص العددي، أما في الرخاء فيرغب أي مدرب الحصول على تفوق عددي أمام المهاجم 1 ضد 2، عبر المضاعفة doubling أو double teaming، هذه الحالة مربكة إلى حدٍ ما، خصوصاً عندما يتواكل المدافعان، أو عندما يكون تموقعهما عن بعضهما ليس بالشكل السليم (التدرج الدفاعي) إذ ينبغي أن يغطي أحدهما الآخر -إن أمكن- أي أن يقف أحدهما خلف زميله بمسافة بحيث يتعامل مع المهاجم في حال تم تخطي زميله، فلا يجب أن يتداخلا ويضغطا سوياً أو أن يقفا على خطٍ واحد. ربما يستغل المهاجم أحد هاذين المثلبين ما يمكنه في حالة تخطيهما من إقصاء لاعبيْن في آن دوناً عن ذكر براعة المهاجم في تخطيهما وربما تخطي أكثر من هذا العدد حتى مع امتثال المدافعين تكتيكياً.
حالة 2 ضد 2 لا تخرج عن المبادئ المذكورة، مساندة ومضاعفة كما شرحنا في أي ثنائية. في هذه الحالة المتكافئة عددياً دينامية مختلفة اختلافاً كبيراً، دفاعياً بالتحديد، إذ تكون التغطية واتخاذ مراكز متباينة ضرورة ملحة (كل لاعب أمام لاعب)، فلا يصح أن يضغطا سوياً على لاعب واحد ويتركا الآخر، فلو افترضنا في المثال الأول -في بداية المقال- أن أحد زملاء الظهير المدافع تمكّن من مساندة زميله وقام بتغطيته أمام الجناح بالتزامن مع تقاطع الظهير المهاجم خلف زميله، يقوم الظهير أثناء ذلك بترك الجناح ومراقبة الظهير المهاجم القادم كما في المثال التالي. وعلى كل حال فالحالات عديدة فمثلاً في عمق الملعب لو قام لاعبان من الخصم بتبادل الكرة عرضياً يخرج اللاعب “أ” للضغط فيما يبقى اللاعب “ب” في الخلف قليلاً للتغطية وهكذا. وختاماً تبدأ ديناميات أخرى باختلاف عدد اللاعبين المضطلعين وتبدأ بلا ريب مبادئ اللعبة جماعياً (كالتغطية وفتح مسارات التمرير وهي مرتبطة بمقالنا هذا) دون إهمال التعاون والتواصل لإضفاء أقصى تناغم وتوازن جماعياً.

نرى تصرف الظهير أمام الجناح في 1 ضد 1 وقيامه بالضغط فوراً وردم الفجوة بينه وبين الجناح، بينما لو توقف في مكانه لربما نال الجناح منه. فيما نرى أنه ولاعب الوسط تبادلا الضغط بتناغم وتفاهم فيترك الظهير خصمه الجناح ويتولى الظهير المساند، في حين يضغط لاعب الوسط على الجناح.
اترك تعليقًا