مقال مترجم لخوانما ليـّو

DEFENSA EN ZONA EN EL FÚTBOL. UN PRETEXTO PARA REFLEXIONAR SOBRE EL JU -  Librería Deportiva

هذا المقال هو مقدمة لخوانما ليـّو كتبها لكتاب المدرب البرتغالي نونو أمييرو عن المنطقة في نسخته الإسبانية.

لقراءة الكتاب حمله من هنا .

إليكم المقال:

إذا كان هذا الكتاب بين يديك فسوف تدرك بأنك تتعامل مع رجل يجعل من النمل أمراً غامضاً. ليس ذلك وحسب، فهذا المجهود الهائل الملاحظ في كل صفحة من الصفحات سيجعل من قرائه مبتهجين كبهجة حشرة الزيز. لقد أبدع نونو أمييرو عملاً رصيناً للغاية أُعيدت صياغته بُغية التنقيب عن مفاهيمٍ أشاركها إياه. يؤكد المؤلف مرة أخرى على أن كرة القدم -في الخلفية- ما هي إلا نسخة جيب لكتاب الحياة.

مع أن الأمر قد يبدو كذلك، إلا أن نونو لا يجمع آراء الآخرين وحسب، بل يرفضها ويثريها ويضعها في نقاش فكري خصب. هذا الفتى دودة كتب، محاربٌ بصرامةٍ أكاديمية، غائر في كهوف المعرفة، لكنه اتخذ خطوة إلى الأمام مقارنةً بأقرانه الذي يبشرون بذات الأمور. وهو بعيدٌ عن استخدام قرض المعرفة المودع من قبل أشخاص مؤهلين تأهيلا عالياً، فقد شكك بها في بعض الحالات وأقام تبادلاً بين المرجع المنتقى وبين مساهماته. إنه لا يفسر ويشرح فقط، بل يجلب لمعاناً وعذوبة لمغامرة الخروج بأفكاره الخاصة. هو خبير في فن الحجاج والجدل. يدحض المصادر ذاتها التي ينهل ويشرب منها، وهو -حيثئذٍ- يجد مصدراً إبداعياً قوياً. إنه يستجوب أولئك الذين يعتبرهم معلمين له، وبتلك الجرأة هو يكتسب أهليةَ أن يكون معلم.

أولَج نونو المشرط في لب (دفاع) المنطقة وتطورها، محطّماً المفاهيم الراسخة فعلاً في اللاوعي لدينا، كما هو الحال -تقريباً- مع كل ما هو واضحٌ وجرت الموافقة عليه دون تفكير مسبق. ذلك أنه وضع عدسةً مكبرة على ما هو واضح قصد التشكيك فيه. إنه يخرب التفكير النمطي في محاولة لفضح تحيزاته ودوغمائيته. يفعل ذلك بدقة فرعونية، وباحترام كبير، زاحفاً تحت زبدٍ من المفاهيم التقليدية. إنه يشعر بالحاجة إلى إيجاد صيغة/معادلة لهذه اللعبة، بحماسةٍ يدعو -تقريباً- لطبيعة رياضياتية في اللعبة ولكنه في الوقت نفسه يعرف أن ليس ثمة شيء من ذلك. إنه رهينة لهذه المفارقة الغير قابلة للحل. لهذا السبب عاد إلى البحث بعناد وإصرار يذكرنا بأسطورة سيزيف. وعلى العكس من شخصية سيزيف في الأساطير، لا يتسلق نونو جبلاً، بل يسافر في دائرة متحدة المركز. من الجزء إلى الكل، ومن الكل إلى الأجزاء، ومن الجوهر إلى التفاصيل، ومن التفاصيل إلى الجوهري، ومن الطابق السفلي إلى العلية ومن الشرفة إلى الطابق الأرضي، وهي رحلة تكمن قيمتها في البحث وليس ما سيجده المؤلف أو يصل إليه. وهذا ديدن جميع الرحلات، فإن الهدف هنا أيضاً هو الطريق والطريق هو الهدف.

يتعين على القارئ ألاّ يسيء فهم عنوان هذا الكتاب. قد تسبب طريقة تعميد هذا العنوان لبساً وخلطاً مُتفهماً. قد يبدو وأن كل شيء مقطعٌ إلى أوصال، كل شيء مفصول، أو أن المؤلف قد استسلم لمساعي التجزئة، أو أن ما بين يدينا ليس عملاً شمولياً/كلانياً متكاملاً. حسناً، لا، إنه عمل يربط كل شيء بكل شيء. يوجد أدناه محاماة للعب المنطقة، وليس لدفاع المنطقة. لذلك فهو ليس عملاً جزئياً، ولا يتوقف عند الدفاع، ولكنه يناشد اللعبة ككيان لا ينفصم. في جزء من الكتاب، علاوة على ذلك، فقد لُمس باب النموذج النُّظُمي خلسة ولكنه لم يُفتح [1]. وهو نموذج يتكيف مع احتياجات اللاعب، وبالتالي مع احتياجات اللعبة. وهذا النموذج الذي هو في طور الظهور يناقض النموذج الكلاسيكي القادم من خطية الرياضات الفردية، ذلك أن هذا النظام الديناميكي ينشر اللاخطية المستمدة من الرياضات الجماعية ذات المهارات المفتوحة والغنية بالتعقيد ككرة القدم. يأتي النموذج القديم من العلموية الزائفة التي تُكيف الواقع مع الاهتمامات الغذائية لدى العديد من التخصصات التي تصبو البقاء على قيد الحياة عبر جعل كل واحدة منها أهم من الأخرى. كل واحدة منها تجعلنا نعتقد أن جزئها الخاص هو الكل. متناسين أن الكل أكثر من مجموع الأجزاء، “بالرغم من أن الأجزاء لا تتراكم، وإنما تتفاعل” وتتباين. ومن الطبيعي أن ينتشر هذا الاعتقاد الخاطئ بقدر ما تضمن الحفاظ على العديد من الوظائف. لكن ليس لدي شك في أن مستقبل التدريب في هذه الرياضة يكمن في النموذج النُظمي ورؤيته الكلانية. وهو نموذجٌ، -بما أنه يؤمن باللاعب- يستميل ويلتمس عملياته المعرفية وذكائه الإدراكي.

من المعلوم أن جوهر كرة القدم هو المنطقة. إذا دَفعت بمجموعة من الأطفال كيما يلعبوا كما يحلو لهم، فسيضعون أنفسهم غريزياً في المساحة المتاحة لهم للعب بها. لن يهرع أحدهم في مطاردة أي أحد. لن يُبدي أي من هؤلاء الأطفال سلوكاً بوليسياً، أو أي رغبةٍ في السجن. هذا ما سوف يعلمونك إياه لاحقاً لسوء الحظ، عندما ينال جبن المدرب وغروره الذي يأسره أسبقية على طبيعة هذه اللعبة.

سأدافع عنها مجدداً، المنطقة ليست فقط حليفةٌ طبيعية للمبادرة، ولكنها تقريباً ضرورة بيولوجية للبشر. إنما هي توزيع أكثر عقلانية وطبيعية لمجموعة ما في المساحة/المكان. أنت تقف حيث تبرز قدراتك. تصبح المهارة أداءً عندما تكون في مكانك الطبيعي وتتفاعل مع الآخرين الذين سيقومون بذات الأمر. تلك الحركة وهذا التآزر غريزي، والقيام بالعكس، أو قبل ذلك أمر اللاعبين بالعكس هو تشتيت للغريزة. كما قلت منذ سنوات عديدة، كي تلعب في منطقة ما، عليك أن تعيش في منطقة ما. اللعب نشاط تستحسه وتستشعره أولاً ومن ثم تقوم بتنفيذه. إننا نعلم أن قيم المنطقة هي الإلتزام والتضامن وتبادل المساعدة والتعاون والتعاضد. من يعرفون كيف يعيشون بهذه الطريقة هم من يعرفون كيف يلعبون بهذه الطريقة. توزيع المساحات وتوزيع الجهود خاتمته توزيع المنافع. ومن ثمة بالطبع، تقسيم المسؤوليات. إن زبدة المنطقة التقاسم، المنطقة مفهوم أساسه التكامل لا التفكك. والغريب في الأمر أنها تتعارض مع الفكرة الراسخة سلفاً والتي تدعو إلى الفردية طوال الوقت. بل ويُأكّد على ذلك بصورة أكبر في عالم كرة القدم، الأمر الذي يجعل اللاعبين يعتقدون خطئاً أن بإمكانهم استخدام مواهبهم دون الاعتداد بالآخرين. هناك بحث علمي صارم للغاية خلُص إلى أن الفائدة القصوى للجميع لن تتأتى إلا بالتعاون. وعلى الرغم من أنها تبدو وكأنها ممارسة إيثارية، إلا أنها ممارسة أنانية. وبلا شك، ليست أنانية بالمعنى الاعتيادي، بل أنانية إيثارية، أنا أساعد الآخر لكي يساعدني. إذا كنا نعيش في قمة وذروة المنفعة، فإن المنطقة ترضي هذا الدافع دون الحط من قيمة أي شيء آخر. في رياضة جماعية مثل كرة القدم فالمبدأ الإرشادي هو الذي يربط كل شيء ويحسنه. آملين أن يدركه القارئ ويضعه موضع التنفيذ.

____

[1] انظر نظرية النظم أو نظرية الأنظمة، Systems theory، وهي معنية بدراسة النظم المعقدة.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

%d مدونون معجبون بهذه: