“عندما نصف بالجميلِ تصرفاً، أو فضيلة، أو شخصية، أو فكرة، أو عرضاً، أو نظاماً فلسفياً، أو مباراة كرة قدم، أو سكيناً، أو سيارة، فهذه ليست محض استعارة، بل تقييم جمالي حقيقي وصادق.” -لويجي باريزون
“الفن هو أكثر وسائل الاتصال فعالية.” -جون ديوي
كرة برازيل 82 تصيبني بمتلازمة ستندال… بعيداً عن المبالغات، متلازمة ستندال ظاهرة نفسية يصاب بها بعض الناس من فرط استشعار الجمال، سميت على اسم كاتب فرنسي ذهل بجمال فلورنسا وزعم أنه كان بحالة من النشوة من فكرة الوجود في فلورنسا، بتماثيلها وأساطيرها… “وصلت إلى نقطة حيث يواجه المرء أحاسيس سماوية… كل شيء يخاطب روحي بوضوح جلي. آه، إذا كان بإمكاني أن أنسى فقط. كان لدي خفقان في القلب، ما يطلقون عليه اسم “الأعصاب” في برلين، نُزعت الحياة عني، ومشيت مترنحاً خشية السقوط”. ولكن ليس جميع أحد سيتأثر بتلك المناظر، مفهوم الجمال ليس موضوعياً رغم المحاولات لوضع معيار للجمال بدءاً من أفلاطون وصولاً لألكساندر باومغارتن، هذا الأخير أطلق مصطلح الإستاطيقا كفرع فلسفي للجمال. أخذ هذا الفرع على عاتقه مناقشة مفاهيم الجمال والفن والذوق. علّ أبرز تساؤلات فلسفة الجمال هي هل الجمال في ماهية الأشياء أم في عين الناظر، أيعجبني الشيء لأنه جميل بنظري، أم هو جميل بذاته ولذلك هو يعجبني؟ يتخذ إيمانويل كانط موقفاً توسطياً حيال موضوعية الجمال أو ذاتيته، غير أنه يعتقد أن الجمال أو التذوق ليس حكماً معرفياً: “إن حكم الذوق بالتالي ليس حكماً معرفياً، وبالتالي فهو ليس منطقياً ولكن جمالياً، نفهم من خلاله أن أساسه الحاسم لا يمكن أن يكون غير ذاتي”. استحباب الشيء أو استقباحه، التلذذ أو التقزز، الابتهاج أو الانزعاج، لا يعبر عن قيمة معرفية ومنطقية لدى الفيلسوف البروسي، الجمال بوصفه ارتباطاً بالابتهاج تَمَثّل ذهني، أو قل علاقة قصدية بالمعنى الفينومينولوجي، أي كيف نتوجه للشيء بوعينا.
أفلا تأثر الخلفيات الثقافية والاجتماعية على معايير الجمال والذوق لدينا، موسيقي، مأكل، مشرب، مسلك… إلى غير ذلك. ثم أليس بيننا من يتذوق أفضل من غيره، قد يتساءل أحدهم، ولا شك في هذا، بل يعتقد ديفيد هيوم أن إجماع صفوة من أصحاب الذوق الرفيع على جمال في مجال ما قد يوازي المعيار الموضوعي. لا ينطبق ذلك على الإجماع الشعبي، وليس نفس الشيء في انتشار أنواع رديئة من الموسيقي مثلاً إلا أنها أكثر شعبية، نتساءل إن كان الذوق الجمعي ذوقاً في الأساس، أم ظاهرة تستقطب عديمي الذوق بوصفهم إمعة مقلدين ومتماهين مع الموضة وما ربوا عليه دون اتصال وجداني، هل للمقلد ذوق؟ أمن يرتشف القهوة متلذذاً متذوقاً مثل من يبتلعها على العادة متطبعاً عليها في مجتمعه؟ أيقتني ذلك الثري لوحة لأنها ثمينة وشهيرة أم بناء على ذوق وإحساس؟ بهذا يدعونا هيوم في مقالته عن معيار الذوق إلى الابتعاد عن السطحية والابتذال في الحكم الفني، فالنقد والتذوق الفني ينبغي أن يتجاوز الانحيازات ومناطة بالحس والتجربة بل والتمرس، وإن يكن الذوق ذاتياً وشخصياً فعلى الأقل يسبق ذلك الحكم شروط، فـ “الحس القوي، المتحد بالعاطفة المرهفة، المصقول بالممارسة، والمتقن بالموازنة، والمصفى من كل صور التحيز، يمكنه وحده أن يمنح النقاد هذه السمة القيمة، والحكم المشترك على هذا النحو، أينما وجد، هو المعيار الحق للذوق والجمال”.
الفن مرتبط بالمحسوس أما الجمال فهو المجرد المتصل بالحالة الوجدانية، وإن اتفقنا على نسبية الجمال، فالجمال قيمة ليست مضافة وحسب في الأفعال والأعمال والنشاطات، إنما البراعة ضرب من الجمال، الإتقان جمال، وإذا أردنا أن نرى الجمال فالجمال نافذ في كل شيء، حرفي يتقن حرفته، لاعب في رياضته أو لعبته، نذهل حتى لمنظر أسراب الطيور، مدارس الأسماك، رغم أنها لا تصبو إلى أي قيمة جمالية في سلوكياتها الجماعية، عند الإغريق الجمال هندسي مرتبط بالتناسب كالنسبة الذهبية مثلاً الذي شيد على أساسها صروح خالدة، في عصور النهضة يتجلى عبر رسومات دا فينتشي ورجُلِه الفيتروفي. الجمال ها هنا يُختزل على النظام والتماثل والدقة، على ما يُميَز وينجلي بترتيب. حاول دارسو الأنظمة المعقدة إيجاد الأنماط الكامنة في حركة الطيور، وقد وجدوا أن الطيور تنتظم ذاتياً وفقاً للأنظمة المجاورة، كل طائر يتصرف محلياً عشوائياً ما يؤلف الكائن الفائق المُنجي، نحن عليها شهود عيان أكنا ندرسها ونكممها ونحسبها أو نرقبها ونتأملها، الجمال الذي يحدثه عامل الزمن والتغيرات المجهرية التي تحرك الصفائح التكتونية على مدار مئات آلاف السنين مؤلفةً الوديان والبحار والمضايق والخلجان والسهول والجبال…
“لا أنجذب للزاوية القائمة، ولا الخط المستقيم الحاد وغير المرن الذي صنعه الإنسان. ما يجذبني هو المنحنى الحر والحسي – المنحنى الذي أجده في جبال بلادي، في مجرى الأنهار المتعرج، وفي جسد الأنثى.” -أوسكار نيماير
كرة القدم في عمقها شكل من أشكال الفن، كرة البرازيل انعكاس لثقافتها، رامية إلى الإبهاج والإمتاع والرقص، ثقافة فن كرة القدم futebol arte ثقافة اللعب الجميل jogo bonito، تتزعزع هذه الثقافة أحياناً بولع المغلوب بالغالب، يحاول صدها مقاومون لـ”أوربة” الكرة البرازيلية، حينما تخسر البرازيل تبدأ الشكوك حول جدوى أولوية اللعب الجيد على النتيجة، صراع قديم جديد بين النتائجية والكمالية، بين البراغماتية والرومانسية، بين الكرة الفنية وكرة القوة futebol-força هذه الصراعات لا شك قد توازن الأمور فالأمر ليس إما أبيض أو أسود، لسنا مضطرين لاتخاذ موقف على أحد طرفي نقيض. بيد أن النتائج قد تكون عكسية حينما ترتدي البرازيل زياً لا يلائمها، فينادي مريدو الكرة الجميلة لإعادة الكرة السحرية الغريزية بدلاً من الكرة الآلية الروبوتية التي أتى بها كلاوديو كوتينيو في مونديال 78، نقيب سابق في الجيش بشهادة في التربية البدنية ربما ذو نزعة علموية.

بذريعة الجماعية وعلى حساب الموهبة، كوتينيو لا يستدعي فالكاو لكأس العالم 78، ولكن ستتغير الأمور مع تولي تيلي سانتانا دكة الكناري، يصف فالكاو هذا التغيير بأنه جذري: “بمجرد وصوله، تغيرت الأمور جذرياً. أصبح اللعب في السيليساو أكثر متعة. يعي (سانتانا) أنه يمتلك لاعبين حذقين. قرر سانتانا أنه يجب أن نلعب حدسياً أكثر من اللعب بصورة انتظامية. حث الأظهرة على الهجوم وأراد قلوب دفاع لا يجيدون إيقاف الخصوم وحسب، بل ويجيدوا والكرة بين أقدامهم. لقد منحنا الحرية لنجرب كل ما يخطر ببالنا، وأوضح لنا أن نيته كانت تقديم عرض مذهل”. يذكر زيكو سانتانا بالخير، فقد “كان من دواعي سروري أن ألعب لتيلي، كان لديه خطة لعب، لكنه أعطانا حرية الإبداع. كان ساعٍ للكمال في التدريبات. إذا سدد أحدنا 10 تسديدات أثناء التدريبات، سجل تسعة أهداف وأضاع واحدة، فسيسأل، “لماذا لم تسجلها جميعا؟ “…” أوسكار فيلهو المدافع يخبرنا بأن سانتانا يرفض انتظار المنافس “مهما كانت جودة المنافس، أراد منا السيطرة على المباراة والتقدم أماماً. لقد كان أسلوباً هجومياً يعتمد على التدريب والتدريب والتدريب. لم يكن يريدنا أن نرتكب مخالفات أيضاً”. لم يكن الحذر خياراً في عز احتياج السيليساو للحذر كما يقال، سقراط وزملائه كانوا بحاجة لتعادل كي يعبروا للدور نصف النهائي، يوجه سانتانا لاعبيه قبل موقعة إيطاليا في كأس العالم 82: “إذا خسرنا ونحن حذرون، سنظل أبدا الدهر نادمين كوننا لم نكن أنفسنا”. بوصف باولو روسي لم يبدُ المنتخب البرازيلي “من هذا الكوكب، ذلك الفريق كان أفضل ما رأته عيناي. كان بمقدور هؤلاء اللاعبين أن يعصبوا أعينهم وسيظلون يعرفون مواقع بعضهم البعض.”
“لعب الفريق بانطلاق شديد. كان من النادر أن ترى لاعباً يلمس الكرة أربع أو خمس مرات. في معظم الأوقات لمستين ليس إلا. بل هناك لاعبين كسقراط يلعبون بلمسة واحدة فقط. هذا ما يجلب السرعة العالية للفريق. لقد كان أمراً غير عادي بحق.” -تونينيو سيريزو
سانتانا كان مهووساً بالتكنيك، اللبنة الأساسية التي يبني عليها كرته بل وأي كرة، القدرة على التحكم بالكرة وترويضها يعني القدرة على علاج مشاكل أكبر، بهذا يكون التكنيك ليس من أجل الاستعراض فقط، وبعبارة أخرى هو التكنيك التطبيقي، التكنيك الذي له غاية تكتيكية. “كان متطلب” يصرح فالكاو، “كان يطلب منا أثناء التدريب أن نسيطر ونمرر دائماً؛ سيطر ومرر سيطر ومرر، يقول، ’مرر جيداً لتستلم جيداً’ فإذا كانت التمريرة جيدة، فسيتمكن اللاعب الآخر من التحكم بها بسهولة”. لا يفضل سانتانا المراوغة بقدر تفضيله للتمريرة، هذا ما يؤكده الظهير الأيسر جونيور فقد رغب سانتانا “أن نمرر الكرة باستمرار ثم نتحرك. يعتقد تيلي دائماً أنه عندما يراوغ اللاعبون، فمن المرجح أن يُعرقَلوا ويمكن للفريق الآخر بدء هجوم سريع. كان احتمال خسارة الكرة بالتمرير أقل من احتمالية خسارتها بالمراوغة”. تيلي -على ذمة لاعبيه- كان يحث على اللعب الهادف، أي البحث عن العمق أو اللعب للأمام قدر المستطاع، فرقه لا تستحوذ من أجل الاستحواذ، فالتمرير من أجل التمرير -بالنسبة له- ليس فقط “عديم الفائدة، بل هو مشهدٌ قبيح. تناقل الكرة هو ما تفعله فرق كرة السلة، في انتظار فرصة التسديد”.
“لم يكن في تصميم أسلوبنا أي شيء نظري، فقد بُني بالكامل عملياً، اختبر بإغراق ضمن اللعب الجماعي. يضيف هنا، يعدّل هناك، يبحث حتى يجد أفضل قطعة لكل قطاع، ولكل موقع. إذا لم تعجبه حصة الصباح، سيقوم بواحدة أخرى في فترة ما بعد الظهر. تدريب جماعي مدته ساعة واحدة، وأحياناً عشية المباراة. ينطلق تيلي من مبدأ أن فريقه يحتاج إلى مجموعة قوية ومتكاملة، بلمسات سريعة، دون إبطاء. لا يعجبه اللاعب الذي يستغرق وقتاً ليقرر ما سيفعله بالكرة. يجب أن تكون التمريرة سريعة حتى يتحرك الخصم، ومن لا يمتلك الكرة عليه أن يوفر نفسه حلاً. ديناميكية وحركة مستمرة، وبالتالي جمال. ليس من قبيل الصدفة أن الفرق التي دربها تيلي امتلكت هوية. يستلم هدافنا الأول بينتادو الكرة وينظر إلى لاعبي خط الوسط أولاً. إذا لم يتمكن من التمرير إليهم فسيبحث عن الأطراف. مثل هذا الاتصال العمودي نادر في الوقت الحاضر. كنا هادفين للغاية، في الهجوم المضاد نصل إلى المنطقة بثلاث لمسات.” -راي
برازيل 82 يشار له بالبنان إلى اليوم، كثر تحدثوا ويتحدثون عن ذلك الفريق، كرة رشيقة منطلقة لا يمكن اصطناعها، سيجد من ينقب عن أسرار هذا النوع من اللعب صعوبة في هضم فكرة أنها نابعة من اللاعبين، والمدرب بمثابة ناقد ومشجع ولكنه قائد معرفي بسلطة معينة، يعي حدوده ولا يتعامل مع اللاعبين بوصفهم عازفين في أوركسترا كلاسيكية بنوتات محددة، بل عازفين أحرار كلٌ يجيد بآلته فيصدر عن تناغمهم التطريب، أولاءِ شعراء تفعيلة ليسوا ملتزمين بهيكل النص وقافيته بل بموسيقية النص وعذوبته ومعانيه. يصور لنا فالكاو الأمر بهذه الطريقة، إذ كان هو وسيريزو وزيكو وسقراط يقرأون اللعب “بسرعة كبيرة، كان فريقاً يفضّل اللمسة الواحدة، كما لو كنا ممنوعين من لمس الكرة أكثر من مرة، لم يكن الأمر كذلك، غير أنه كان يحدونا شعور بذلك”. سانتانا الذي كان يجز العشب بنفسه، ما هو إلا خيميائي يعي العناصر المتآلفة والمتنافرة، يعمل تيلي على المباريات الودية ضد الفرق الهاوية أو الفرق المجاورة لمعسكرات المنتخب، لأن التدريب هو لعب يشمل متنافسين في الأصل، ففي التدريبات يقف في المنتصف يوجه ويتفاعل مع اللاعبين عملياً، من عبق رائحة العشب لا رائحة الطباشير يوجِد التوليفة، لا يستحدث اللعب من العدم، بل يمازج ويناغم ويوائم، يقول سقراط:
“يحظى كل فرد بحرية اللعب بالطريقة التي يرغب طالما يؤدي وظائف أساسية معينة. بقدر ما قد يبدو هذا مذهلاً، إلا أنه يثمر. إنه قادم … من الارتجال، ولكن أيضاً من المعرفة التي اكتسبناها خلال عامين من العمل معاً. ألعب جناحاً، أنا مهاجم، محور، لاعب خط وسط… يعتمد ذلك على كيفية سير اللعب. حتى لو لم نفز باللقب، فسنزيح الخطط التقليدية كـ 4-2-4 و4-3-3 وأي شيء مخترع من قبيل ذلك.”
“في خطابات ما قبل المباراة بحقبة تيلي سانتانا، لم أرَ بصراحة أي لوح، بخطوط ومعلومات محيرة لا يفهمها اللاعبون في بعض الأحيان. خطابات ما قبل المباراة تحدث على الملعب، كانت وظيفية. بعبارة أخرى، كان يلقى خطابه والكرة تتدحرج. هناك يجري خطابات ما قبل المباراة. أما في يوم المباراة، فالحديث يكون قصيراً، بضع دقائق على الأكثر، لذلك لا يتعب اللاعبون ذهنياً.” -أوسكار
“كان يجرى حصص تدريبية جماعية كل يوم تقريباً، مانحاً الفريق فرصة التماسك؛ يدرب لاعبيه على تقديم كل ما لديهم للفريق. أشياء كثيرة أفعلها الآن كمدرب تعلمتها منه، لأنها أشياء جيدة لكرة القدم.” -زيكو

“لم تكن هناك أسرار، تلك التدريبات المغلقة وما شابه، لا شيء”. لاعبه في ساوباولو راي يكشف الغمامة عن عمل المايسترو أو بالبرتغالية الـ mestre، في سيرته الذاتية يذكر راي -شقيق سقراط- أن تيلي “لم يكن يملك خطة تكتيكية بل فلسفة، ’إلعب ودع الآخر يلعب’ كان جزءاً منها”. بالنسبة لتيلي سانتانا ومن خلال رؤيته والكرة التي تبديها فرقه فمن وحي التبعثر والتناثر والفوضى تتخلق، نائياً بها عن الميكانيكية والتناظرية، متفقاً مع مواطنه المهندس المعماري أوسكار نيماير الذي لا تجذبه الزوايا القائمة بل المنحيات والتعرجات وهكذا كانت تصاميمه. مدرب كرة القدم ليس مهندساً، لوحه التكتيكي لن يجدي في غالب الأحيان، هؤلاء اللاعبون بغريزتهم الأولى العفوية وغريزتهم الثانية المتولدة من رحم التدريب هم الفاعلون في المباراة، المدرب هناك يدل ويفيد اللاعب بمعرفته وخبرته، هو هناك يخرج ما في جعبة اللاعب ويضع تركيبة تضيف للاعب وليس تخرجه منها لأنه “لا يناسب أسلوبي”، اللاعبون يفكرون وينفذون ما تنشده اللحظة وليسوا مجرد دمى للمدرب في الملعب، التصحيح والإرشاد والتغذية الراجعة والأمامية ستعود بالنفع للاعب ولكن ليس ضمن أيدولوجيا ضيقة، هناك نقاط عامة تضفي للاعب، سلوك يضيف للاعب كي يضيف للفريق وضمن هذه القواعد أو الشيفرات سنمتلك أسلوباً.

“بالحديث عن التحليل الفردي، في محاضراته اللامتناهية، بالقليل من الصور المرئية والكثير من الحديث، اعتاد تيلي سانتانا التحدث إلى جميع اللاعبين الذين شاركوا في المباراة. واحداً تلو الآخر، مستذكراً كل لعبة. من المدهش كيف تبقى المباراة بأكملها في رأسه!” -راي
اللاعب أولاً ثم النظام، لأن المدرب حين يدعي أن النظام أولاً ثم اللاعب يصادر حجة الجماعية من كونها انبثاقاً تلقائياً لتلاقي وتفاعل الأفراد إلى مجموعة مبادئ وتحركات تناسب أهواءه، عدا ذلك فالدنيا خراب واللاعبون كالبهائم لا يعقلون ولا يملكون من أمرهم شيًا. بَلا، اللاعب ليس حر بصورة مطلقة، لكن ليس بسبب المدرب بل بسبب طبيعة اللعبة، فاللاعب يتصرف مقيدٌ بتصرف الآخر وبحرية نسبية.
من الخطر والخطل أن نعتقد أن الجماعية مفهوم ملموس، الجماعية مفهوم مجرد ليس له ملمس أو شكل أو رائحة، ورغم أنه متسامي متجاوز، إلا أننا نسعى من خلال الأفراد تكوين الفريق، التفاهم والتواصل والاستعداد ما بين أعضاء الفريق يصنع الجماعية، لا نملك الأسلوب أولاً ثم نضع الأفراد عليه كما لا نصمم قميصاً بمقاس واحد يناسب الجميع، نستطيع امتلاك قميص بتصميم وخامة ولون واحد ولكن بمقاييس مختلفة، وبهذا المعنى، فالخصائص المختلفة قد تتعايش ضمن الأسلوب، اللاعبون يتعلمون ضمن الفريق كما يقول كرويف، أما الفريق فكيان اعتباري غير موجود ولذا لا يتعلم. بحسب József Bozsik -مدون برازيلي باسم مستعار- يعمل سانتانا في حصصه التدريبية كثيراً على الفرد، على التكنيك، على استيعاب اللعبة، وكيفية التحرر من الرقابة، وكيفية فهم زملائه أكثر من المفاهيم المكانية والتموقعية. وعليه، كرة سانتانا تبدأ من اللاعب وترتكز على اللاعب: تصرفاته، سلوكياته، تفاعله، a player-centred approach. ولا شك أن سانتانا غايته هي الجماعية، يخبرنا راي أن تيلي علمهم “يوماً بعد يوم، ما هو الجمال الجماعي، وما هو اللعب الجماعي واللعب الجيد. أن الرقص كمجموعة هو الاستعراض الحقيقي. يجب أن يُنظر إلى الفردية على أنها زيادة لغاية أكبر.”
برازيل 82 كان يلعب اللعب اللاتمركزي إن جاز لنا، كرة شاملة بترجمة مختلفة، حارس وقلبي دفاع ومهاجم فقط من امتلكوا مراكز ثابتة، البقية في صعود وهبوط، طيور تحلق وتعود إلى عشها بين الحين والحين، أنضع رقماً؟ هي أقرب لـ 4-2-2-2 والتي عرفت بالمستطيل الذهبي، المربع في الوسط خلاق حتى سيريزو كان قادراً على اللعب، بجانبه فالكاو وأمامهما سقراط وزيكو الذي يجنح قليلاً إلى اليمين، فيما يجنح المهاجم إيدير إلى اليسار وفي المقدمة سيرجينيو، الظهيرين جونيور وإيدينيو متوفران دائماً لشن غارات متواصلة على الخاصرة. التقاطعات تأتي من الداخل والخارج حتى فالكاو ستجده غازياً، البينيات أمر اعتيادي ليست قحطاً كيومنا الحاضر مع موظفي كرة القدم، ستراقب زيكو؟ سيعلن زيكو التحدي فقط ناوله الكرة ولن يرى جنتيلي إلا غباره، مزق قميصه ولكنه لم يمزق أفكاره، يرمي نجم فلامنغو كرة بخارج قدمه إلى سقراط الذي سيضعها في القريبة، لديهم هذه النزعة يمررون بخارج القدم وهم على حركة تعقب مراوغة أو تمويه مبقين على إيقاعٍ عالٍ عوضاً عن تبديل القدم. سقراط بكعب قدمه يمرر، وإيدير ببارابولا بديعة ضد اسكتلندا، بقذائفه المنحنية التي يطلق عليها البرازيليون الورقة الجافة folha seca.
فرق سانتانا تبدأ من 4-2-2-2 تأثر بها فاندرلي لوكسمبورغو وبالميراس الخاص به وموريسي راماليو وسانتوس، ومحامون لكرة شبيهة لها في يومنا هذا كفيرناندو دينيز وريناتو غاوتشو. لهذه الكرة جذور قديمة، من 4-2-4 وفلافيو كوستا والكرة الدانوبية اللامركزية. كانت فرق سانتانا تلعب اللعب اللاتمركزي إن جاز لنا، لا يلتزم اللاعبون بتمركز محدد وفقاً لمكان الزميل، بل يوفر اللاعب نفسه كحل متى ما تطلب الأمر، أسلوب مخالف تماماً للكرة المركزية إذ يحتشد اللاعبون حول الكرة وبلمسات سريعة تجذب الخصوم وأحد اللاعبين يتوغل من الخلف. تبعاً للمدون المحلل József Bozsik فكرة سانتانا هي “نتيجة للتقاليد البرازيلية، بتأثير تكويني من “اللعب الدانوبي”. لعب مرن وطيع ويتطلب الحرية الفردية والتمركزية ضمن نظام تعاوني. يجب على اللاعبين الاقتراب من (الكرة)، والإبداع، واستخدام الحدس. الأجنحة تلتصق بالجانب، وهي مبدعة في تحركاتها. شغل المساحات لا يعني استئجارها إقليمياً، وإنما القيام بالأفعال الصحيحة في الوقت المناسب بالكرة. أي التنظيم من الكرة وليس من المساحة”. يسميها المحلل البرازيلي بالكرة الوظيفية jogo funcional. اللاعب يذهب إلى الكرة، لا الكرة تذهب إلى المركز، بما معناه أن اللاعب ليس مركز، اللاعب ليس متحيز في مكان بجمود طالما هناك تفاهم، ثمة دينامية تتيح له شغل مساحات مختلفة تمنح تدفقاً في اللعب ما يولد اللاعب الحر متوغلاً أو متبوءاً موقعاً بتفوق مركزي. تيلي سانتانا يعضّي فرقه، لا ينظمها، أي لا يضع ترتيب محدد سلفاً، سواءً أنماط أو تحركات، “يعضّي” من حيث أن كلمة organize التي تترجم عادة إلى تنظيم قادمة من كلمة عضو أو كائن حي organ، وهو كلٌ مؤلف من عناصر مترابطة ومتبادلة التأثير، فريق كرة القدم من أي درجة يمكن أن يكون ذاتي التخلق أو شبه ذاتي التخلق Quasi-autopoietic، من الـautopoiesis الذي سكه البيولوجي التشيلي ماتورانا. فريق كرة القدم كائن حي (وليس بآلة allopoietic) مكون من أعضاء لتحقيق وظيفة معينة، تحقق ذلك في خضم عمليات تفاعل وعلاقات لتشكل شبكة عمليات تتجدد باستمرار وتحافظ على نفسها بنفسها رغم تفاعلها مع البيئة الخارجية، ولذا كلمة تعضي أنسب بالمقارنة بكلمة تنظيم التي توحي بترتيب خطي دقيق كخط الانتاج، فيما لعبتنا عفوية طبيعية في معظم أحداثها وتحولاتها وتحوراتها ولا خلاص من صندوقها الأسود الذي يتوسط المدخل والمخرج. “شبه” لأن العناصر لا تتغير بالكامل، “شبه” لأنه ثمة تنسيق اتخذ عبر الاتفاق أو تصدى له أحد اللاعبين أو تولاه المدرب، يمكن أن نسميها بالحالات البدئية، وبعد ذلك تنحرف العناصر بسلوكيات إبداعية، تستلزم السلوكيات الإبداعية -وهي جديدة- سلوكيات أيضاً تكيفية إبداعية من العناصر الأخرى، ثم، من خلال آلية الارتجاع السلبي يعود النظام مجدداً إلى الاستقرار المؤقت، وهي عودة للتنسيق البدئي ناتجة عن الانتظام الذاتي، الفريق ليس فقط انعكاساً لأفكار أحدهم، ربما كان يعلم سانتانا ذلك ولذا وثق بذكاءات اللاعبين وقدراتهم التكيفية واستعداداتهم التي تمنح الفريق الحياة وهو خارجها شبه راصد يتعلم من اللاعبين ويعلمهم. مانحاً اللاعبين “شيئاً ليفعلوه في التدريبات، لا شيئاً ليتعلموه، ويكون الفعل ذا طبيعة تتطلب التفكير؛ فيكون التعلم نتيجة طبيعية” كما يقول جون ديوي.
“الحق أن الفن لا يقتصر فقط على التنفيذ، الإنتاج، الإنجاز، و “الفعل” كفعل لا يكفي لتحديد جوهره. الفن أيضاً ابتكار. ليس تنفيذاً لشيء مُتخيل مسبقاً، ولا إنجاز مشروع، ولا الإنتاج وفقاً لقواعد معينة أو محددة سلفاً. وهي حال الفعل، أثناء الفعل، تبتكر ما يجب فعله وكيف تتم ذلك الفعل.” -لويجي باريزون
إلعب ودع الآخر يلعب يصف راي كرة سانتانا، لهذا كرته فنية وجمالية، لاعبيه ينشطون في فضاء يمثل لهم موئلاً يعرفون خباياه وشعابه، تنبعث هذه الكرة بتلقائية لا اصطناعاً. سانتانا ينتهج نهجاً فنياً، والفن -بالضرورة- له غاية جمالية، من يقدم فناً، قل رساماً أو نحاتاً أو مغنٍ يسعى إلى الإبهاج وإدخال السرور للناظر والمتلقي، “ففي كل عمل بشري يوجد جانب إبداعي ومبتكر كشرط أول لكل إنجاز” بحسب الفيلسوف الإيطالي باريزون، يضيف في مشكلة الاستاطيقا أن “المطالبة بتوسيع الفن ليشمل جميع مجالات النشاط البشري أمر أساسي أيضاً، […] إذ يسعى المرء في كل نشاط إلى قيمة فنية بجانب قيمة هذا النشاط المعين، ومن المستحيل تصور أي نشاط ليس له نجاح فني”. تيلي سانتانا أسوة بإيمانويل كانط غايته الجمال وليس بعد هذه الغاية غاية. غايته الفن الذي يكتنف بين ثناياه ما يبهج وما يسر، ربما وأقول ربما تدني الذوق أو الشروط المزيفة التي تجزء الجمال وتضع مقاييس ذاتية وتضفي إليها مشروعية لها آراء أخرى، لدي موقفي حتماً، بيد أني أرى الجمال في الهجوم والدفاع واللعب التمركزي واللعب الوظيفي، واللمحات الفردية… الخ. لا يوجد تعارض بين الجمالية والفعالية، يصور النتائجيون أنه إما أداء وعرض أو نتيجة وفعالية، كل العناصر الجمالية من تمرير متقن وتمويه رشيق وحركة فنية تلبي لنا تفوقاً تكتيكياً، لاعبون بفنيات وقدرات أقل لا يستطيعون اللعب ولن يتوهجوا في اللحظات الحرجة، عديمو الموهبة ليس لديهم خيال المبتكر الخلاق، يصبح هؤلاء غداً مدربين فينشرون قرفهم بفرقهم، فإذا حملت هم الفعالية فقط، فستغدو النتيجة منتنة؛ لو أعدنا صياغة عبارة المهندس المعماري نيماير.
“العديد من الراصدين […] يجادلون أيضاً بأن الهوس بالقياس الكمي والتخصص وفرض التكتيكات الصارمة ينزع إلى تقليص مستوى المتعة سواء للرياضيين أو المشجعين. مع ذلك، من المعروف أن كرة القدم البرازيلية هي القطب المعاكس لجمود وشكلية هذه العملية – ما يعرف بـ “فوتشيبول آرتي”. في البرازيل، لأسباب ثقافية، كانت مقاومة هذه العملية مستمرة وتستحق تحليلاً أكثر دقة للعلاقة بين الحداثة والثقافة الشعبية” -السوسيولوجي البرازيلي رونالدو هلال
“فن كرة القدم حدس. فن كرة القدم اختراع. فن كرة القدم رقة في التعامل مع الكرة. فن كرة القدم هو المراوغة، تمريرة بالكعب، مراوغة غير متوقعة، خدعة، مقصية. هذا هو فن كرة القدم، إنه التنقية، تنقية الرياضة. رفع الرياضة إلى رتبة الفن.” -أرماندو نوغويرا
انتُقد سانتانا بعد الخروج أمام إيطاليا، المولود في إيتابيريتو ليس فوق النقد، كرة ثابتة لعينة كانت السبب في خروج البرازيل ولو لم تكن لما خرجت البرازيل وسيوفر كل ناقد نقده، كما وفروا مديحهم الزائف الذي سيعقب الفوز لو حدث. سنطرح السؤال مجدداً، بهجتنا مصدرها الجمال أم النتيجة؟ مهما كان الطرف الذي ننتمي إليه، تغلبنا أحياناً مشاعرنا مختلطة إزاء اللعب، فنحسبه جميل لأننا فزنا أو قبيح لأننا خسرنا، ظل سانتانا مقتنعاً بأسلوبه غير آبه للنتائجية وحكيمو الاستديوهات المكيفة، أولئك الذين يتقطرون حكمة عندما يحدث الحدث أو ما تعرف بظاهرة “انحياز الادراك المتأخر”.
“أرجوك عودوا قريباً. سيصعب علينا الاعتياد على نوع آخر من كرة القدم.” -يومية El Correo de Andalucia الإسبانية عقب خروج البرازيل.
“كان العالم مفتوناً بكم، كونوا على علم بذلك”؛ بهذه الكلمات يعزي سانتانا لاعبيه بعد خيبة ساريــا، لا زال البرازيليون يتغنون بذلك الفريق أكثر من أي فريق، سانتانا ورغم نتائجه لا زال يتصدر عديد التصويتات على أفضل مدرب في تاريخ البرازيل، حتى فوز 94 لم يكن بذلك الإقناع، لا ولا كرة سيباستيانو لازاروني وطبعاً ليس فريق دونغا. يمكن لسانتانا الفوز بأي طريقة ولكن “الأهم من الفوز بكأس العالم هو تقديم أفضل كرة قدم. الشيء المهم هو العرض”. “لقد كان مهتماً بطريقة لعب الفريق أكثر من اهتمامه بالنتيجة نفسها،” يؤكد جونيور ويردف: “النتيجة مترتبة على ما يفعله اللاعبون على أرض الملعب”. بهذه الكرة انتصر في ساوباولو، لعب بطريقة مشابهة مع راي وكافو وليوناردو وسيريزو وآخرون، فاز على الميلان وقبلها بسنة على برشلونة كرويف الذي قطع وإياه وعداً ليلة نهائي طوكيو 92 أنهما سيدخلان الملعب لتقديم عرض بلا حيل واستراتيجيات والأفضل سيفوز، “إذا قُدر لك أن تُدهس فيحسن أن تكون السيارة فيراري”… الهولندي العظيم متقبلاً الخسارة ضد ساولو باولو. بييلسا يسمي سانتانا بالعقل المتفوق، يصرح اللوكو حيال نهائي الليبرتادرويس 92 أنه “كان من المستحيل أن تتفوق على ساو باولو. لقد كانوا جيدين لدرجة أن الفوز 1-0 في روزاريو لم يكن كافياً”. ينتصر الخير في النهاية أحياناً، الفضيلة بحاجة لتتويج هامشي يخرس الأفواه، سانتانا لم يخسر بكلتا الحالتين غير أن “حزن الوقت يُكافأ بتقدير العمل، بواسطة العمل الجيد، بلورنا فريق سحر العالم. ومع ذلك، لم نفز باللقب. بعد عشر سنوات، فزنا في ساو باولو. ومثلما حدث في عام 1982، أنا لست نادماً علي شيء. سأفعل الشيء ذاته دوماً بنفس الطريقة.”
“هزمنا برشلونة لأننا هاجمناهم. لم يكفوا عن إخباري أن ’الكرة النظيفة، بدون دفاع، لا يمكنك الوصول إلى أي مكان’. أسمع هذه الديباجة منذ عام 1982 … أثبت ساو باولو أنه يمكن أن تكون بطلاً في أي بطولة، دون أي نوع من الخبث. آمل أن تكون كرة القدم البرازيلية مثالاً يحتذى به.” -تيلي سانتانا
لا ينادي سانتانا بالكرة الجيدة وحسب، بل بالكرة النظيفة النقية دون تلاعب ودون عنف فالغاية لديه لا تبرر الوسيلة، في التدريبات يمنع لاعبيه من التدخلات العنيفة، وقد يتكفل بطرد لاعبه إذا تدخل بعنف بدلاً من الحكم، كان أمراً جديداً على زيكو، سيرجينيو يتذكر أن سانتانا “لم يدع أي لاعب يتدخل بقوة على المنافس، إذا واصل لاعب ما ارتكاب المخالفات فسيقوم باستبداله على الفور، حتى لو كان ذلك على حساب الفريق. لم يسمح بأي عنف على أرض الملعب على الإطلاق”. ينظر إلى تيلي باعتباره دون كيخوتِه، مناضلاً للرياضة البرازيلية لانتقاده الحكام والمدراء والمدربين وحتى اللاعبين الذين قوضوا تقديم كرة القدم كعرض، على حد تعبير لوسيانو مالولي، يختم هذا المقال اقتباسين للصحفي البرازيلي أرماندو نوغويرا والميستري تيلي… دمتم بود.
“تيلي يرمز إلى كرة القدم لدرجة أنه حارب ضد التحكيم، حارب ضد العنف، حارب ضد الأسلوب الدفاعي، حارب ضد رداءة كرة القدم التي تقدر لاعب الوسط الدفاعي، بإيجاز، لقد اتخذ موقفاً رسولياً دفاعاً عن كرة القدم الاستعراضية، وكرة الأهداف، وكرة القدم الهجومية التي لا تخلو من المسؤولية، بل كرة القدم التي تسعى إلى الهدف، وتسعى إلى المشهد، إذا لم نسلك هذا المسار، بعد كل هذا، نحن وبقية عالم كرة القدم، فستصبح كرة القدم لعبة مملة للغاية. هي بالفعل لعبة خططية للغاية، مرتبطة بشدة باللوح التكتيكي، مرتبطة جداً بالمخططات، كما تعلمون بـ 4-3-3، 5-3-2، وهذا يعيق القدرة الإبداعية للاعب. لذلك أعتقد أنه على الرغم من أن FIFA يبذل جهداً لتغيير بعض الأمور المتبلورة والسلبية عن كرة القدم بوصفها عرضاً، إلا أنه لا يزال هناك طريق طويل لنقطعه، على سبيل المثال، للوصول إلى الكمال الأخلاقي، والصرامة الأخلاقية للحكام، التوقيت، وسلوك اللاعب في كرة السلة، على سبيل المثال.” -أرماندو نوغوييرا

“يقول الكثيرون حينها أن من ينادون بكرة القدم القديمة ويطالبون بها، ما هم إلا أناس يحنون إلى الماضي وأنهم بالفعل متخلفون في عالم كرة القدم. والحقيقة أنه كان هناك قدر أكبر من التعقل عند الدخول إلى الملعب والسعي للعب. لن أقول إنه لم يكن هناك عنف، بلا، ولكن ليس كالعنف في يومنا هذا. بالأمس فقط، أثناء مشاهدتي لمباراة على التلفزيون، بلحظة ما قال المراسل ’ارتكبت ستين مخالفة حتى الآن‘. بربك، هذا عدد مبالغ فيه من المخالفات لمباراة كرة قدم. أنا مثلاً حينما أذهب إلى الملعب، لا أذهب لأرى لاعباً يعرقل لاعباً آخر، أذهب لرؤيته يبلي حسناً، لرؤيته يلعب كما يجب. هناك تفاهم بين اللاعبين بحيث يكون لدينا مجموعة جيدة، وبهذه المجموعة عندئذٍ ينشأ اللعب الجيد، ومن اللعب الجيد يأتي النصر واللقب أو الألقاب. هكذا يجب أن تُلعب كرة القدم. لهذا قاتلت دائماً وناضلت من أجل كرة القدم الجيدة. […] يجب أن نستمر دائماً في الدفاع عن كرة القدم هذه، بغض النظر عمّن أكون، أو من يحاول ممارستها، إذا كان مدرب آخر، أو كاتب عمود آخر. […] والجميع يعي كم هو رائع أن نرى كرة القدم تُلعب بشكل جيد. عندما تذهب إلى الملعب، فنعمة نتلذذ بها عندما نغادر الملعب راضون عن العرض الذي قُدِّم”. -تيلي سانتانا (1931-2006)
المراجع:
https://home.csulb.edu/~jvancamp/361r15.html
Luciano Victor Barros Maluly, O FUTEBOL-ARTE DE TELÊ SANTANA NO JORNALISMO ESPORTIVO DE ARMANDO NOGUEIRA.
Doctor Socrates: Footballer, Philosopher, Legend. Andrew Downie.
1992: The world in three colors. Rai and André Plihal.
اترك تعليقًا