هذه ترجمة لمقابلة موقع شبيلفيرلاغيرونغ الألماني-النمساوي مع مدرب شالكه السابق دومينيكو تيديسكو، مقابلة تكتيكية بامتياز أسعد بتقديمها لكم طمعاً في أن تعم الفائدة.
*ملاحظة ما بين الأقواس هو شرح المترجم.
واتت الفرصة لأول مرة لـ Spielverlagerung مقابلة مدربٍ ناشطٍ في البونيدسليغا -آنذاك- إذ تحدث مدرب شالكة دومينيكو تيديسكو عن تطور لاعبيه، وكذلك عن اشراكه للاعبيه في خططه وتكتيكاته.
يقوم ميخيل دي هوغ من موقع De Correspondent ببحث حول جيل المدربين الألمان الشباب، والذين يُطلِق عليهم البعض “مدربي اللابتوت”. حيث يريد ميخيل -وهو هولندي- معرفة لمَ يحصل الشباب الدخلاء والذين لا يمتلكون تاريخاً كلاعبين محترفين على فرص في ألمانيا، ولكن ليس في هولندا.
وما الأفضل من زيارة شالكه أين منح المدير الرياضي كريتسان هايدل الفرصة للقادم الجديد صاحب الـ32 عاماً مفاتيح المملكة؟ رافق ميخيل في مقابلته للمدرب كاتبُنا توبياس إيشير. إذ كان بودّنا معرفة أهمية التكتيكيات بأعين تيديسكو، وكذلك معرفة كيف يمد لاعبيه بأقصى مدد ومعلومات.
سيد تيديسكو، لقد أحضرنا برفقتنا لقطة من المباراة أمام فرايبورغ، هذه اللقطة تظهر الدفاع هاهُنا.
تيديسكو يشاهد اللقطة ويبتسم: جميل، شكلٌ جميل.

كيف تتمكن من جعل لاعبيك يتمركزون بشكل مثالي؟
تيديسكو: أولاً، هذا يتطلب عملاً مكثفاً، ومن اللاعبين بالذات. عمل، عمل، عمل، دراسة لقطات الفيديو ومن ثَمّ عمل وعمل وعمل أيضاً. أكثر الأمور أهميةً هو العمل الذي تضعه في الملعب، إن كان على اللاعبين الوقوف ضمن خطةٍ ما فأنت بحاجة لأعمدة. أنت بحاجة للاعبٍ في الخلف يستبقي بصره على الخط (؛ أي خط الدفاع)، والمهاجمون هم من يقررون متى نضغط، ولاعبي الوسط الذين سيتسائلون: “متى أتقدم؟” هنالك ثلاثة أو أربعة لاعبين يقومون بالتواصل (communicators) لكي نُتِمّ ذلك. كما يتحدث الطاقم حول هذه الأمور مع اللاعبين، وبالنهاية نأمل أن تنتهي بالشكل الذي نراه في المقطع.
عندما نسرّع -المقطع- قليلاً سنرى ويستون ماكّيني يتقدم ويتحول للضغط، حدث ذلك عدة مرات خلال المباراة، أفهل تتحدثون عن هذا الأمر سلفاً أم هل يقرر اللاعبون القيام بذلك على الطائرة؟
تيديسكو: نتحدث عن ذلك سلفاً.

إلى أي مدى قواعدك التوجيهية/الارشادية مفصلة؟
تيديسكو: ينبغي أن يكون واضحاً من هو اللاعب وفي أي وضعية يقوم بالخروج (للضغط)، أيٍّ من مثيرات الضغط [1] استدعدت ذلك؟ أيٍّ من تمريرات الخصم يجب أن نعتبرها إشارة؟ على سبيل المثال، هنالك خصوماً يستخدمون قلبي دفاع بعيدين -عن بعضهما- وعندما يمرر هؤلاء القلبين فيما بينهما فستعبر الكرة مسافة طويلة نسبياً، وذلك يعني أن الكرة ستكون بطيئة أحياناً، تلك أفضل الأوقات للضغط.
ومثيرات الضغط هذه تختلف من خصم لآخر؟
تيديسكو: لدينا مثيرات ضغط عامة، بيد أنها تختلف من مباراة لأخرى بشكلٍ كبير.
بالعودة لذلك المقطع: ما نجده مثيراً للإهتمام -في هذا السياق- كان المؤتمر الذي عُقد قبيل مباراة شتوتغارت، إذ أوضحت بأن اللاعبين غالباً ما أوقفوا الخصم ولكن بلا تقدم وازدهار ضمن عملية الضغط.
تيديسكو: هذا المقطع هنا مثالٌ جيد، دانييل كاليجوري عبر راكضاً، ولكن أمام شتوتغارت كمثال -كان هنالك مباريات أخرى ولكن بالخصوص أمام شتوتغارت- فقد اكتفينا بالإقفال والإغلاق بتلكم الحالات. [تيديسكو ينهض واقفاً] الإغلاق أو الحجب يعني دوماً أنهم يمتلكون الكرة ولن أسمح لهم بتمرير الكرة، أُريهم جانباً واحداً؛ ما سيقودهم للخارج وللداخل، هذا يعتمد على فلسفتك. ولكن في ذلك اختلافٌ كبير، فحينما أغلق عليهم فقط فلديهم وقت وافر لاتخاذ قرار، وحينما أغلق عليهم باستمرار عندئذٍ سيمررها الخصم للخلف، والتمريرة التالية بعدئذٍ ستكون للأمام، ومن ثم سيعيدها الخصم مرة أخرى للخلف، وهذا غير مجدي وبامكانك عمل ذلك. هناك فلسفة المكوث في الخلف (دفاع منخفض) وعلى أي حال، فهناك أيضاً اختلافٌ ما بين المكوث في الخلف وإغلاق مسارات التمرير من ناحية، والقيام بضغطٍ منخفض من ناحية أخرى، الانخفاض للخلف يعني بأنني سأدحض وأغلق مسارات التمرير. لكن عند استخدام الضغط المنخفض سألدغ مراراً، تماماً مثل forechecking في هوكي الجليد [2].

وهل هذا ما كان يعاني منه اللاعبون في بداية الموسم؟ أنت أشرت إلى الأسباب الكامنة التي أدت لذلك.
تيديسكو: يستطيع اللاعبون تنفيذ هذا الأمر، غير أن هنالك تلك اللحظات التي يعتقدون بأنه يجب أن يغلقوا خطوط التمرير (أي يكتفون بالوقوف).
هل هذه علة بارزة لبعض الفرق، أو مشكلة ألمانية بالتحديد، أم هل أن هذه النزعة موجودة لدى اللاعبين كافة؟
تيديسكو: أؤمن بشدة بأن الأنماط المعدة -مسبقاً- تبقى في عقول اللاعبين، في إيطاليا أو في هولندا كذلك.
ولكن لمَ؟ ألأنها ستطبق بشكل أسهل؟
تيديسكو: الركض المباشر (اللاعب الضاغط الذي يجري بسرعة لمهاجمة الكرة) أمر منهك، عندما تركض بشدة سيرتفع النسق، وعندها -في بعض الأحيان- يحدث أن يعيد الخصم الكرة للخلف وعندئذٍ سيتحطم الضغط وسنعود أدراجنا للخلف، وهذا مؤلم.
نعرف هذا الشعور جميعاً، سيكون الإنهاك أقل عندما نغلق على الخصم، والجميع عليه القيام بهذا الأمر إذ بالإمكان ضبطها (أي من السهل انتظار الخصم وانتظار الأخطاء منه بدلاً من الضغط).
تيديسكو: تماماً.
ولكن كيف تقوم بتدريب ذلك؟
تيديسكو: نعمل على “الدفاع إلى الأمام” كثيراً، وبمقدورك العمل عليها حتى عند لعب كرة اليد (المنتهية برأسية). [وهو تمرين إحماء اعتيادي بحيث يقوم اللاعبون بلعب كرة اليد ولاعب واحد يُسمح له باللعب برأسه (أو الإنهاء برأسه بشكل أدق)]. عندما تلعبها كالعادة، ومن ثم سيقف المدافع أمام حامل الكرة والذي يرفرف بيديه، كما في السلة بالضبط. في هذه اللحظة ينبغي عليك تطبيق القاعدة التي تقول: عندما ألمس اللاعب الذي يحمل الكرة أستعيد الكرة، وبالتالي سيجري اللاعبون مباشرة (أي يقومون بالجري بسرعة نحو حامل الكرة كما هو مطلوب منهم عند الضغط في الحالات المذكورة).
تقريباً هذا تدريب على المستوى العصبي، بما أنك تقوم ببرمجة لاعبيك.
تيديسكو: نعم، نرغب بأن نكون شجعاناً، دانيل كاليجوري لم يفز بالكرة هنا؛ وليس عليه فعل ذلك، غير أنه سيحرص على أن يقوم الخصم بلعب الكرة بسرعة وانظر ماذا حدث: فقدوا الكرة. ولو امتلك الخصم وقتاً في هذه الحالة سيرى زميله متاحاً للتمرير، والذي بدوره سيجد زميلاً آخر متاحاً وهكذا. في البونديسليغا جميع اللاعبين ذوي جودة عالية، ومنحهم الوقت يعني قيامهم باتخاذ قرارات ممتازة، وبذلك يتعين علينا استلاب الوقت منهم.
هل بإمكان لاعبيك القيام بذلك الآن؟
تيديسكو: أعتقد بأننا نقوم بذلك بشكل جيد، كما يتوجب علينا مواصلة التدرب على ذلك، إنها عملية لا منتهية إذ يجب علينا تكرارها مراراً وتكراراً. كما تتطلب طاقة وتحمل، ناهيك عن التحلي بالاقدام والتحلي بروح التضحية.
هذا ما يذركني بدردشةٍ مع لاعب سابق في البونديسليغا وكان يلعب دائماً كـ8 في خطة الماسة، وعندما يستلم الظهير الكرة ينبغي أن يتقدم ويضغط عليه، تقريباً لم يستعد الكرة قط، كان يشمئز من ذلك.
تيديسكو: عندما تكون لاعب وسط 8* ضمن الماسة (أي خط وسط ماسي الشكل) يتحتم عليك القيام بذلك عموماً.
حسنٌ، ولكن كيف لك -كمدرب- أن توضح أنه عندما يقوم بالركض -للضغط- للمرة المئة فسيظل الأمر مجدياً؟
تيديسكو: هذه هي النقطة، تحتاج للشعور الصحيح للقيام بهذا الأمر. أي نوعٍ من اللاعبين هو؟ أبإمكانه القيام بذلك؟ أم أنه يستنزف طاقة يتأتى عليه استخدامها في الحالات الهجومية؟ أبإمكانه التعويض بطريقة مختلفة؟ [تيديسكو على وشك الشرح.]
لحظة، هل لنا برسمٍ توضيحيٍ منك؟
تيديسكو: لديك مهاجمان ووسط ماسي الشكل، يمكنك أن تقول: عندما تعبر الكرة نحو الظهير، فعلى لاعبك مغادرة الماسة دائماً. أمرٌ منطقي، لأنك تمتلك أربعة لاعبين في الوسط، والخصم عادة ما يمتلك اثنان أو ثلاثة، إذ بامكانك الموازنة في الوسط. ومع ذلك، تستطيع أن تأمر المهاجم بالتالي: قف هنا، وعندما تُلعب الكرة سيكون (أي الظهير) إذ ذاك مغطاً بظهرك، وعادة ما سيعيدها مجدداً -للقلب الآخر- ومن ثم سينطلق المهاجم الآخر. أو أن يقوم بتمرير الكرة نحو المحور *6 وعندها سيكون لدينا صانع الألعاب *10 ولاعبيْ الوسط *8.

قال كريستيان هاديل أنك جيد جداً بإشراك لاعبيك في تكتيكاتك، أتجلس مع اللاعبين وتقوم بشرح أفكارك مثلما فعلت للتو؟
تيديسكو: نعم، وعلى نحو منتظم. هم اللاعبون من يجب عليهم الاستيعاب والتنفيذ، بالعودة لمثالك: أنت رقم *8 ودائماً عندما تتجه الكرة نحو الظهير عليك التقدم نحوه. بامكاني إخبارك بذلك، تلك هي خطتي، نقطة آخر السطر. بينما الآن لدينا تمرين وأدرك بأنهم قاموا بذلك للمرة الأولى، فالمرة الثانية، وعندما نصل للمرة الثالثة يأخذون باللهث، وبعد الرابعة يكونون قد انتهوا.
ليس بسبب التعب.
تيديسكو: لا، ببساطة هم لا يحبون الإزعاج. فحين أخبرهم بأننا سنقوم بذلك في المباراة يوم السبت، أتبين بعدها بـ20 دقيقة أنها لن تتم ولن تثمر، يتراءى لي ذلك بالفعل خلال التمارين.
هناك مدربون يرون الأمر بشكل مغاير، إذ قد يقولون أن على اللاعبين الإقلاع عن ذلك.
تيديسكو: عندما يحدث مثل هذا الأمر أسأل اللاعب *8 “مالخطب؟” “إن المسافة بعيدة أيها المدرب.” والآن نحن في نقاش، إذ بإمكاني أن أقول: “حسناً، تمركز بعيداً نوعاً ما إذاً.” ومن ثم سيحاول فعل ذلك مرتين وسيقول: “هذا ليس منطقياً أيها المدرب.” عندئذٍ سأسأله مجدداً: “مالخطب؟ قد يساعدك المهاجم، بحيث لا يكون لزاماً عليك أن تتوجه إلى هناك كل حالة ثالثة، فقط كل حالة خامسة” (أي بين عدة مرات ستخرج مرة للضغط)، هكذا سنقوم بتطوير الفكرة سوياً، وهذا أمر مهم لأن قول اللاعب “نعم” في التدريبات، يجب أن تكون الـ “نعم” ذاتها أيضاً في المباراة.
وهذا يعني؟
تيديسكو: التدريبات التكتيكية، والتي تعني مشاهدة لقطات الفيديو ومن ثم التدرب عليها في الملعب، وبعد ذلك أسأل دوماً: “أتشعرون بالراحة حيال ما أعددناه؟ أتستطيعون القيام بذلك؟” وعندما يقولون “نعم”… [تيديسكو يضرب الطاولة] عندها سآخذ بكلمتهم، حينها يجب أن تطبق في المباراة. وإن لم تتم جراء قيام الخصم بعمل مختلف -عمّا توقعنا- فليست مشكلة. بعدئذٍ علينا نحن المدربين استحداث أفكار جديدة والقيام بردة فعل. ولكن إن لعب الخصم بالشكل الذي توقعناه ولم يثمر ما عملنا به على النحو الأفضل فسأسأل في اليوم التالي: “لمَ لمْ تنجح (الفكرة)؟ ما كانت المشكلة؟” وبهذه الكيفية سنتطور، وعلى أي حال فالفرصة متاحة للاعبين ليقولون: “الفكرة لا تعمل، فلنقم بفكرة أخرى.”
هل يتخاطب طاقمك فيما بينهم بلغة تقنية، بينما يقومون بمخاطبة اللاعبين بشكلٍ مختلف؟ أم تستخدمون مصطلحات “كتغطية الظهر” بوجود اللاعبين؟
تيديسكو: نستخدم المصطلحات ذاتها.
أيفهمها اللاعبون؟
تيديسكو: نعم، في يومنا الحاضر يفهمونها، الكثير من المصطلحات لم تستحدث من العدم، “تغطية الظهر” موجودة منذ ملايين السنين.
هناك من لا يعرفون هذا المصطلح على كلٍ، نقدر وقتك سيد تيديسكو.
تيديسكو: شكراً لكم.
[1] مثيرات الضغط triggers ويُقصد بها الحوادث التي تكون كالمؤشر للاعبين لبداية الضغط، مثلاً عندما تكون الكرة بطريقها لمستقبِلها فهذه إحدى مثيرات الضغط؛ أي يتحتم على اللاعب الخروج والضغط.
[2] forechecking وتعني الضغط العالي في هوكي الجليد، أي الضغط أعلى الملعب وبشراسة، قد يقصد تيديسكو أن الفريق الذي يطبق دفاع منخفض مثل الفريق الذي يبني هجماته من الخلف في هوكي الجليد.
المترجم: @salh91ftbl
اترك تعليقًا